فصل: قال سيد قطب في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال سيد قطب في الآيات السابقة:

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}.
هذا الشوط الثالث يستعرض أمة الرسل. لا على وجه الحصر. يشير إلى بعضهم مجرد إشارة؛ ويفصل ذكر بعضهم تفصيلًا مطولًا ومختصرًا.
وتتجلى في هذه الإشارات والحلقات رحمة الله وعنايته برسله، وعواقب المكذبين بالرسل بعد أن جاءتهم البينات. كما تتجلى بعض الاختبارات للرسل بالخير وبالضر، وكيف اجتازوا الابتلاء.
كذلك تتجلى سنة الله في إرسال الرسل من البشر. ووحدة العقيدة والطريق، لجماعة الرسل على مدار الزمان؛ حتى لكأنهم أمة واحدة على تباعد الزمان والمكان.
وتلك إحدى دلائل وحدانية الألوهية المبدعة، ووحدانية الإرادة المدبرة، ووحدانية الناموس الذي يربط سنن الله في الكون، ويؤلف بينها، ويوجهها جميعًا وجهة واحدة، إلى معبود واحد: {وأنا ربكم فاعبدون}.
{ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرًا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وهذا ذكر مبارك أنزلناهـ أفأنتم له منكرون}.
ولقد سبق في سياق السورة أن المشركين كانوا يستهزئون بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه بشر. وأنهم كانوا يكذبون بالوحي، ويقولون: إنه سحر أو شعر أو افتراء.
فها هو ذا يكشف لهم أن إرسال الرسل من البشر هي السنة المطردة، وهذه نماذج لها من قبل. وأن نزول الكتب على الرسل ليس بدعة مستغرقة فهاهما ذان موسى وهارون آتاهما الله كتابًا.
ويسمى هذا الكتاب {الفرقان} وهي صفة القرآن. فهناك وحدة حتى في الاسم. ذلك أن الكتب المنزلة كلها فرقان بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال، وبين منهج في الحياة ومنهج، واتجاه في الحياة واتجاه. فهي في عمومها فرقان. وفي هذه الصفة تلتقي التوراة والقرآن.
وجعل التوراة كذلك، {ضياء} يكشف ظلمات القلب والعقيدة، وظلمات الضلال والباطل. وهي ظلمات يتوه فيها العقل ويضل فيها الضمير. وإن القلب البشري ليظل مظلمًا حتى تشرق فيه شعلة الإيمان، فتنير جوانبه، ويتكشف له منهجه، ويستقيم له اتجاهه، ولا تختلط عليه القيم والمعاني والتقديرات.
وجعل التوراة كالقرآن {ذكرًا للمتقين} تذكرهم بالله، وتبقي لهم ذكرًا في الناس. وماذا كان بنو إسرائيل قبل التوراة؟ كانوا أذلاء تحت سياط فرعون، يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ويستذلهم بالسخرة والإيذاء.
ويخص المتقين {الذين يخشون ربهم بالغيب} لأن الذين تستشعر قلوبهم خشية الله ولم يروه، {وهم من الساعة مشفقون} فيعملون لها ويستعدون هؤلاء هم الذين ينتفعون بالضياء، ويسيرون على هداهـ. فيكون كتاب الله لهم ذكرًا، يذكرهم بالله، ويرفع لهم ذكرًا في الناس.
ذلك شأن موسى وهارون.. {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} فليس بدعًا ولا عجبًا، إنما هو أمر مسبوق وسنة معروفة {أفأنتم له منكرون} فماذا تنكرون منه، وقد سبقت به الرسالات؟
وبعد الإشارة السريعة إلى موسى وهارون وكتابهما يرتد السياق إلى حلقة كاملة من قصة إبراهيم، وهو جد العرب الأكبر وباني الكعبة التي يحشدون فيها الأصنام، ويعكفون عليها بالعبادة، وهو الذي حطم الأصنام من قبل.
والسياق يعرضه هنا وهو يستنكر الشرك ويحطم الأصنام.
والحلقة المعروفة هنا هي حلقة الرسالة. وهي مقسمة إلى مشاهد متتابعة، بينها فجوات صغيرة. وهي تبدأ بالإشارة إلى سبق هداية إبراهيم إلى الرشد. ويعني به الهداية إلى التوحيد. فهذا هو الرشد الأكبر الذي تنصرف إليه لفظة الرشد في هذا المقام.
{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين}..
آتينا رشده، وكنا عالمين بحاله وباستعداده لحمل الأمانة التي يحملها المرسلون.
{إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون}..
فكانت قولته هذه دليل رشده.. سمى تلك الأحجار والخشب باسمها: {هذه التماثيل} ولم يقل: إنها آلهة، واستنكر أن يعكفوا عليها بالعبادة. وكلمة {عاكفون} تفيد الانكباب الدائم المستمر. وهم لا يقضون وقتهم كله في عبادتها. ولَكِنهم يتعلقون بها. فهو عكوف معنوي لا زمني. وهو يسخف هذا التعلق ويبشعه بتصويرهم منكبين أبدًا على هذه التماثيل!
فكان جوابهم وحجتهم أن {قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين}!
وهو جواب يدل على التحجر العقلي والنفسي داخل قوالب التقليد الميتة، في مقابل حرية الإيمان، وانطلاقه للنظر والتدبر، وتقويم الأشياء والأوضاع بقيمها الحقيقية لا التقليدية. فالإيمان بالله طلاقة وتحرر من القداسات الوهمية التقليدية، والوراثات المتحجرة التي لا تقوم على دليل:
{قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين}..
وما كانت عبادة الآباء لتكسب هذه التماثيل قيمة ليست لها، ولا لتخلع عليها قداسة لا تستحقها. فالقيم لا تنبع من تقليد الآباء وتقديسهم، إنما تنبع من التقويم المتحرر الطليق.
وعندما واجههم إبراهيم بهذه الطلاقة في التقدير، وبهذه الصراحة في الحكم، راحوا يسألون:
{قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين}..
وهو سؤال المزعزع العقيدة، الذي لا يطمئن إلى ما هو عليه، لأنه لم يتدبره ولم يتحقق منه. ولَكِنه كذلك معطل الفكر والروح بتأثير الوهم والتقليد. فهو لا يدري اي الأقوال حق. والعبادة تقوم على اليقين لا على الوهم المزعزع الذي لا يستند إلى دليل! وهذا هو التيه الذي يخبط فيه من لا يدينون بعقيدة التوحيد الناصعة الواضحة المستقيمة في العقل والضمير.
فأما إبراهيم فهو مستيقن واثق عارف بربه، متمثل له في خاطره وفكره، يقولها كلمة المؤمن المطمئن لإيمانه:
{قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين}.
فهو رب واحد. رب الناس ورب السماوات والأرض. ربوبيته ناشئة عن كونه الخالق. فهما صفتان لا تنفكان: {بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن}.
فهذه هي العقيدة المستقيمة الناصعة، لا كما يعتقد المشركون أن الآلهة أرباب، في الوقت الذي يقرون أنها لا تخلق، وأن الخالق هو الله. ثم هم يعبدون تلك الآلهة التي لا تخلق شيئًا وهم يعلمون!
إنه واثق وثوق الذي يشهد على واقع لا شك فيه: {وأنا على ذلكم من الشاهدين}.. وإبراهيم عليه السلام لم يشهد خلق السماوات والأرض، ولم يشهد خلق نفسه ولا قومه.. ولَكِن الأمر من الوضوح والثبوت إلى حد أن يشهد المؤمنون عليه واثقين.. إن كل ما في الكون لينطق بوحدة الخالق المدبر. وإن كل ما في كيان الإنسان ليهتف به إلى الإقرار بوحدانية الخالق المدبر، وبوحدة الناموس الذي يدبر الكون ويصرفه.
ثم يعلن إبراهيم لمن كان يواجههم من قومه بهذا الحوار. أنه قد اعتزم في شأن آلهتهم أمرًا لا رجعة فيه:
{وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين}..
ويترك ما اعتزمه من الكيد للأصنام مبهمًا لا يفصح عنه.. ولا يذكر السياق كيف ردوا عليه. ولعلهم كانوا مطمئنين إلى أنه لن يستطيع لآلهتهم كيدا. فتركوه!
{فجعلهم جذاذًا إلا كبيرًا لهم لعلهم إليه يرجعون}..
وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة.. إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم {لعلهم إليه يرجعون} فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة! لعلهم حينئذ يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم، ويدركون منه ما في عبادة هذه الأصنام من سخف وتهافت.
وعاد القوم ليروا آلهتهم جذاذًا إلا ذلك الكبير! ولَكِنهم لم يرجعوا إليه يسألونه ولا إلى أنفسهم يسألونها: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن تدفع عن أنفسها شيئًا. وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟ لم يسألوا أنفسهم هذا السؤال، لأن الخرافة قد عطلت عقولهم عن التفكير، ولأن التقليد قد غل أفكارهم عن التأمل والتدبر. فإذا هم يدعون هذا السؤال الطبيعي لينتقموا على من حطم آلهتهم، وصنع بها هذا الصنيع:
{قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين}..
عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة هذه التماثيل، ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها!
{قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبرهيم}..
ويبدو من هذا أن إبراهيم عليه السلام كان شابًا صغير السن، حينما آتاه الله رشده، فاستنكر عبادة الأصنام وحطمها هذا التحطيم. ولَكِن أكان قد أوحي إليه بالرسالة في ذلك الحين؟ أم هو إلهام هداه إلى الحق قبل الرسالة. فدعا إليه أباهـ. واستنكر على قومه ما هم فيه؟.
هذا هو الأرجح...
وهناك احتمال أن يكون قولهم: {سمعنا فتى} يقصد به إلى تصغير شأنه بدليل تجهيلهم لأمره في قولهم: {يقال له إبراهيم} للتقليل من أهميته، وإفادة أنه مجهول لا خطر له؟ قد يكون.
ولَكِننا نرجح انه كان فتى حديث السن في ذلك الحين.
{قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون}..
وقد قصدوا إلى التشهير به، وإعلان فعلته على رؤوس الأشهاد!
{قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم}..
فهم ما يزالون يصرون على أنها آلهة وهي جذاذ مهشمة. فأما إبراهيم فهو يتهكم بهم ويسخر منهم، وهو فرد وحده وهم كثير. ذلك أنه ينظر بعقلة المفتوح وقلبه الواصل فلا يملك إلا أن يهزأ بهم ويسخر، وأن يجيبهم إجابة تناسب هذا المستوى العقلي الدون:
{قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}..
والتهكم واضح في هذا الجواب الساخر. فلا داعي لتسمية هذه كذبة من إبراهيم عليه السلام والبحث عن تعليلها بشتى العلل التي اختلف عليها المفسرون. فالأمر أيسر من هذا بكثير! إنما أراد أن يقول لهم: إن هذه التماثيل لا تدري من حطمها إن كنت أنا أم هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكًا. فهي جماد لا إدراك له أصلًا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو الإدراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل. فلا تعرفون إن كنت أنا الذي حطمتها ام إن هذا التمثال هو الذي حطمها! {فاسألوهم إن كانوا ينطقون}!
ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزًا، وردهم إلى شيء من التدبر والتفكر: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون}..
وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف، وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم. وأن تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم، وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون.
ولَكِنها لم تكن إلا ومضة واحدة أعقبها الظلام، وإلا خفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلى الخمود:
{ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}!
وحقًّا لقد كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة على الرؤوس؛ كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب.. كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر. أما الثانية فكانت انقلابًا على الرأس فلا عقل ولا تفكير. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية حجة لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟!
ومن ثم يجبههم بعنف على غير عادته وهو الصبور الحليم. لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم:
{قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون}.
وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدر، وغيظ النفس، والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف.
عند ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائمًا حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل، فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ: {قالوا حرِّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين}.
فيا لها من آلهة ينصرها عبادها، وهي لا تملك لأنفسها نفعًا ولا ضرًا؛ ولا تحاول لها ولا لعبادها نصرًا!
{قالوا حرِّقوه} ولَكِن كلمة أخرى قد قيلت.. فأبطلت كل قول، وأحبطت كل كيد. ذلك أنها الكلمة العليا التي لا ترد:
{قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم}..
فكانت بردًا وسلامًا على إبراهيم.. كيف؟ ولماذا نسأل عن هذه وحدها؟
و{كوني} هذه هي الكلمة التي تكون بها أكوان، وتنشأ بها عوالم، وتخلق بها نواميس: {إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون}.
فلا نسأل: كيف لم تحرق النار إبراهيم، والمشهود المعروف أن النار تحرق الأجسام الحية؟ فالذي قال للنار: كوني حارقة. هو الذي قال لها: كوني بردًا وسلامًا. وهي الكلمة الواحدة التي تنشئ مدلولها عند قولها كيفما كان هذا المدلول. مألوفًا للبشر أو غير مألوف.
إن الذين يقيسون أعمال الله سبحانه إلى أعمال البشر هم الذين يسألون: كيف كان هذا؟ وكيف أمكن أن يكون؟ فأما الذين يدركون اختلاف الطبيعتين، واختلاف الأداتين، فإنهم لا يسألون أصلًا، ولا يحاولون أن يخلقوا تعليلًا. علميًا أو غير علمي. فالمسألة ليست في هذا الميدان اصلًا. ليست في ميدان التعليل والتحليل بموازين البشر ومقاييس البشر. وكل منهج في تصور مثل هذه المعجزات غير منهج الإحالة إلى القدرة المطلقة هو منهج فاسد من أساسه، لأن أعمال الله غير خاضعة لمقاييس البشر وعلمهم القليل المحدود.
إن علينا فقط أن نؤمن بأن هذا قد كان، لأن صانعه يملك أن يكون. أما كيف صنع بالنار فإذا هي برد وسلام؟ وكيف صنع بإبراهيم فلا تحرقه النار.. فذلك ما سكت عنه النص القرآني لأنه لا سبيل إلى إدراكه بعقل البشر المحدود. وليس لنا سوى النص القرآني من دليل.
وما كان تحويل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم إلا مثلًا تقع نظائره في صور شتى. ولَكِنها قد لا تهز المشاعر كما يهزها هذا المثل السافر الجاهر. فكم من ضيقات وكربات تحيط بالأشخاص والجماعات من شأنها أن تكون القاصمة القاضية، وإن هي إلا لفتة صغيرة، فإذا هي تحيي ولا تميت، وتنعش ولا تخمد، وتعود بالخير وهي الشر المستطير.
إن {يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} لتتكرر في حياة الأشخاص والجماعات والأمم؛ وفي حياة الأفكار والعقائد والدعوات. وإن هي إلا رمز للكلمة التي تبطل كل قول، وتحبط كل كيد، لأنها الكلمة العليا التي لا ترد!
{وأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأخسرين}..
وقد روي أن الملك المعاصر لإبراهيم كان يلقب بالنمرود وهو ملك الآراميين بالعراق.